يمتلك المغرب تاريخًا طويلًا ومعقدًا يعكس العديد من التغييرات في النظام الحكومي. منذ العصور القديمة، عندما كانت أراضي البلاد تحت سيطرة قبائل وممالك مختلفة، حتى الدولة الحديثة ذات النظام الملكي الدستوري، شهد المغرب العديد من التحولات السياسية. يغطي تطور النظام الحكومي في المغرب مراحل تاريخية مختلفة، بما في ذلك إنشاء أولى الدول الإسلامية، وحقبة طويلة من الحكم الاستعماري، وأخيراً الطريق نحو الاستقلال والديمقراطية في القرن العشرين.
قبل انتشار الإسلام في أراضي المغرب الحديث، كانت هناك دول واتحادات قبلية مختلفة. كانت واحدة من أقدمها مملكة موريتانيا، التي وجدت منذ القرن الرابع قبل الميلاد وكانت تغطي منطقة تشمل جزءاً من المغرب الحديث والجزائر. في وقت لاحق، في القرنين السابع والثامن، مع الفتح العربي للمغرب، بدأت حقبة جديدة في تاريخ البلاد. أحضر العرب معهم الإسلام، الذي أصبح أساسًا للتطور اللاحق للدولة.
بعد الفتح العربي، تشكلت في أراضي المغرب عدة سلالات إسلامية كبرى، مثل الأمويين والعباسيين وآخرين. بدأت هذه السلالات في إنشاء سلطة مركزية وتوسيع أراضيها، في حين كانت الأراضي تحت سلطة حكام محليين وحكومات مختلفة. كانت هذه الأشكال المبكرة من النظام الحكومي في المغرب تتسم بقوة سلاطينها، لكن كانت توجد أيضًا سلطات محلية تلعب دورًا مهمًا في إدارة المناطق.
من القرن الحادي عشر، بدأت حقبة جديدة في تاريخ المغرب عندما انتقلت السلطة إلى السلالات. وكانت واحدة من أهم السلالات في ذلك الوقت الأسرة الموحدية. لعبت هذه السلالة دورًا رئيسيًا في نشر الإسلام في منطقة المغرب وتعزيز سلطة السلطان. كانت الأسرة الموحدية تحتل مكانة مهمة في التاريخ السياسي للمغرب، حيث أنشأت دولة مركزية يتمتع فيها السلطان بسلطة هائلة، تتحكم في جميع أراضي البلاد ونظامها الإداري. كما أصبحت أيضًا مُصلِحة ثقافية ودينية مهمة.
من القرن الثالث عشر وحتى نهاية القرن الخامس عشر، حكمت المغرب سلالات المرابطين والموحدين والسعديين، وكانت جميع هذه السلالات تواصل تعزيز السلطة المركزية للسلطان. واجهت هذه السلالات العديد من التهديدات الداخلية والخارجية، ومع ذلك، استمرت في تعزيز المؤسسات الحكومية وتطوير البلاد على الصعيدين الاقتصادي والثقافي.
في بداية القرن العشرين، واجه المغرب تهديد الاستعمار الأوروبي. بدأت فرنسا وإسبانيا ودول أوروبية أخرى بالتدخل في شؤون المغرب، مما أدى إلى توقيع اتفاقية حماية فرنسية في عام 1912. تحت حماية فرنسا، فقد المغرب جزءًا من استقلاله، لكنه احتفظ بنظام السلطنة الشكلي، حيث ظلت السلطة في يد السلطان، لكن الإدارة كانت تتم فعليًا من قبل السلطات الفرنسية.
خلال هذه الفترة، بدأت السلطات الفرنسية في إنشاء نظام يسمح بإدارة فعالة للمستعمرة. احتفظ السلطان بسلطته في القضايا الدينية، لكنه لم يكن قادرًا على اتخاذ قرارات تتعلق بالسياسة أو الاقتصاد أو الشؤون الخارجية. أنشأت الحماية الفرنسية في المغرب هيكلًا بيروقراطيًا مركزيًا، وهو ما كان سمة من سمات الأنظمة الاستعمارية في ذلك الوقت. كانت السلطات المحلية تحت سيطرة فرنسية إلى حد كبير، ولكن التقاليد المحلية وهياكل السلطة كانت لا تزال محفوظة، خاصة في المناطق الريفية.
بعد الحرب العالمية الثانية، في الأربعينات والخمسينات، بدأ المغرب نضاله النشط من أجل الاستقلال. أدى الصراع من أجل التحرر من النظام الاستعماري الفرنسي إلى تغييرات عميقة في النظام الحكومي. في عام 1956، بعد مفاوضات مع السلطات الفرنسية، حصل المغرب على استقلاله. أصبح السلطان الجديد محمد الخامس رمزًا للنضال من أجل الاستقلال وبدأ في إعادة تنظيم الدولة.
بعد نيل الاستقلال، واجه المغرب ضرورة إنشاء نظام سياسي جديد يجمع بين عناصر السلطنة التقليدية ومتطلبات الدولة المستقلة الجديدة. خلال هذه الفترة، تم اتخاذ خطوات لتعزيز السلطة المركزية للسلطان، وتم البدء في العمل على إقامة معهد برلماني. على الرغم من ذلك، احتفظت الملكية بصلاحياتها، وظل النظام الإداري ذو طبيعة سلطوية إلى حد كبير.
في عام 1961، بعد وفاة محمد الخامس، تولى الحكم ابنه الحسن الثاني، الذي واصل الإصلاحات وتعزيز سلطة الملك. وضع الحسن الثاني نظامًا سياسيًا حديثًا يحتفظ بدور مهم للملكية. وسع سلطات الملك بشكل كبير، مما جعله يمتلك المزيد من الصلاحيات في إدارة الدولة. قدم الحسن الثاني دستورًا شكل سلطة السلطان، غير أن البرلمان والهيئات الحكومية الأخرى لعبت أيضًا دورًا مهمًا في الحياة السياسية.
في عام 1999، بعد وفاة الحسن الثاني، أصبح ابنه محمد السادس ملكًا للمغرب. بدأ حكمه بإصلاحات تهدف إلى ديمقراطية النظام وتحسين حقوق الإنسان في البلاد. قدم محمد السادس خطوات جديدة نحو الليبرالية السياسية، وركز أيضًا على التنمية الاقتصادية. كانت إحدى الخطوات الرئيسية هي إقرار دستور جديد في عام 2011، الذي قيد بعض صلاحيات الملك وزاد من دور البرلمان ورئيس الوزراء في اتخاذ القرارات. ومع ذلك، على الرغم من هذه الإصلاحات، لا يزال المغرب مملكة دستورية ذات مركز قوي للملك، الذي يحتفظ بتأثير كبير على السياسة الداخلية والخارجية للبلاد.
يعتبر تطور النظام الحكومي في المغرب مثالًا على كيفية مرور البلاد بعدد من التحولات، بدءًا من الاتحادات القبلية والسلالات المبكرة، وصولًا إلى إنشاء الملكية الدستورية الحديثة. كان عنصرًا مهمًا في هذا التطور هو قدرة الحكام المغاربة على تكييف الأشكال التقليدية للإدارة مع التحديات الحديثة. وتساعد عملية الإصلاحات السياسية التي تستمر حتى يومنا هذا المغرب في السير على درب التنمية المستدامة والاستقرار السياسي في العالم الحديث.